الأربعاء، 27 يوليو 2016

يوميات طبيب امتياز ٣ "الطب" فصلٌ من المعاناة..

يوميات طبيب امتياز ٣
"الطب" فصلٌ من المعاناة..

من دخل الطب فقد قدر الله عليه التعب إلى أمد العمر، ليست حياةً ورديةً كما تظن.. أو ظننا ذات يوم، دراسةٌ دائمةٌ؛ ومعنى ذلك أن يكونَ الكتاب جليسك والبيت حبيسك، وحياةُ الأحلام الذهبية وهمٌ لا أكثر، كل "خوابير" العالم ستستشعرها.. بكل أشكالها وألوانها ستجدها واقعا.. سيكونون من حولك .. يلتفتون إليك.. يأْتمرون بك.. فصل المعاناة يمتد إلى آخر لحظة تَوقّعت أن القطار سيقف عندها.. ولكنها تنطلق مشيرة بيدها.. وتعبث بشعرها.. تهزأ بك وكأنها تقول لك "يا أحمق"!!..

يااا أحمق!!..
أظننت يوما أن درب المجد مخضبا بالورود؟!.. وأن زهو الطب ستناله بكل حبور؟!.. المعالي لم يكن يوما طريقها ممهدا.. ولن يكون... فالهمة زاد المبدعين.. والطموح لايتوارى خلف أفئدة جعلت الخمول وسادة، والكسل عبادة.. سنة الحياة أن تعيش مع الطب عمرك ورحلتك.. لكنها بالطبع رغم شقائها.. ممتعة..
رحلة مضنية.. لكنها تفيض بالعطاء بالبذل والإحسان..
وهل هناك أجمل من ابتسامة ترسمها على وجه معسور؟؟.. أو ضحكة تزرعها في قلب طفلة عافها الفرح منذ أن لازمها المرض؟؟..
عندما تلتقي تلك الدعوة الصادقة "الله يوفقك" لتلاقي ساعة استجابة.. هل هناك نعيم يوازي ذلك النعيم؟؟..
الطب يفتح لك أبواب الخير على مصراعيه.. كل الخير ..
ودأب العظماء أن يكونوا مفاتيح للخير.. يبحثون عن سعادة الناس ومساعدتهم حتى لو كان ذلك على حساب راحتهم ووقتهم..على حساب أنفسهم وأسرتهم وأقرب الناس إليهم..  ولكنها متعة العطاء.. وبذل النبلاء.. زُهُو الطب يتدفق في تلك الساعة المتأخرة من الليل عندما يأوي كل خليل إلى خليله.. وكل منهك إلى فراشه.. وأنت في حالةٍ من الإرهاق بلغت المدى.. تعالج مريض..  وتتابع حالة.. في سيرة الألم الممتدة تلك..  أضننت  أن الله سينساك؟!.. لن يكافئك على مابذلت من تضحية..  بالتأكيد لا ..

ولكن لاتنسى أن تقرن ذلك بالنية الصالحة..

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

عبث الذاكرة

عبث الذاكرة
......
سأقول لك.. وربما حديثٌ يبعث الذكريات، يعبث بها.. يسوق الأحزان تُخالطها الدموع بِشَجَن الذكرى...تتقلب كموجوعٍ على صفيحٍ ساخن ..

الراحلون بين لهيب الأحداث حكايةٌ أخرى.. الصمت في حضرتهم.. ذاكرةٌ لاتنتهي.. مُثقلة تلك العبارة التي تنطوي على جرحٍ عميق.. لم تُضَمِّده نعمةُ النّسيان..
يسكب العبرة.. يُقلب صفحةً، ظنّ يومًا أنها مضت.. لكنّ الحياة تأبى إلا أن تُكشّر عن أنيابها، وتفرض جبروتها..

لقاؤهم.. ذلك الحلم البعيد.. سرابٌ.. لونه وشكله.. أما طعمه!!  فحدث عنه دموع العين،  وصوت الونينِ الذي يعبر أعماق أعماق الوجدان..

الراحلون بقيةٌ من أمل.. من حياةٍ جميلةٍ ذهبت ولن تعود.... الحديث عنهم.. يُفَتّق الجراح.. سفرٌ بعيد.. وكربٌ قريب.. لاتتلاشى تلك الأيام.. وكيف؟؟! هي جزءٌ من تكويننا،، من النّعيم الذي كنّا نستظل بظله.. رَبونا عليه دهرًا.. والآن قسرًا.. ننفض الأوجاع لنزداد.. ماذا..؟! وهل لغير الألم لبابنا طريق..
....................


بعض الراحلين تبقى الذكريات تجمعنا بهم.. هم مداد الخاطرة.. وبوح اللحظة الحزينة.. أحيانا.. تذكرهم فقط يبعث الابتسامة .. تعبر ألما كان منزويا عن كل مغريات الحياة..