الخميس، 2 مارس 2017

حزينٌ هذا المساء..

حزينٌ هذا المساء..
حزينٌ بأدق تفاصيله، الكون كلّه غيمةٌ مثقلة.. سوداء.. نثرت دمعها.. على أم القرى وماحولها.
القبيلة.. الأم.. الزوجة.. الأخت.. الابن والبنات.. كلهم تمادى الحزن طغيانا بهم.. عصفهم.. أرهقهم وأثقل مسامعهم هول الخبر..
حزين هذا المساء، وكلُّ مساءٍ يأتي بعدك.. يأتي ولم ترتسم على سماءه محيا ابتسامتك الجميلة..
حزينة تلك الطرقات التي تسلكها.. حزينة بيوت الأرامل واليتامى التي كانت تأوي إليك .. حزينة أودية وشعاب القرية.. حزينٌ مسجدها ومئذنتها.. ومحرابه الذي نذرت رعايته..

حزينٌ أنا، و فؤاد أبي، وذلك الصديق.. وكل من مرّ من أمام خطواتك المهابة.. حزين طفل نما بالقلب يُبصر ساعتك، قلمك، ومسبحتك، فلم يتمالك نفسه.. تلعثمت كلماته.. فدعا لك..

حزينٌ متدثر بالصمت، أَعْتزم البكاء فتردّني.. دمعة أختٍ ووالدة.. ألتزم الألم فأكبته داخل أعماقي.. يعتصرني..  يُمزقني فلا أستطيع أن أُعتقه .. ولا أستطيع أن أُبقي هذا الحزن لنفسي.. لكن!! ومع لكن عبرات غزيرة.. غزيرةٌ حدّ أنني أحاول ألا أفلت الدمع بيني وبيني ذاتي.. فأنهمر بالبكاء.. لايحدني هذا الكون.. ولا الأيام.. ولا الأعوام.. كأن صبر السنين تمثل أمامي ككومة ثلجٍ ذابت من فرط اللهيب الذي يشتعل بداخلي..

رحمك الله أبا ياسر.. 

الأربعاء، 27 يوليو 2016

يوميات طبيب امتياز ٣ "الطب" فصلٌ من المعاناة..

يوميات طبيب امتياز ٣
"الطب" فصلٌ من المعاناة..

من دخل الطب فقد قدر الله عليه التعب إلى أمد العمر، ليست حياةً ورديةً كما تظن.. أو ظننا ذات يوم، دراسةٌ دائمةٌ؛ ومعنى ذلك أن يكونَ الكتاب جليسك والبيت حبيسك، وحياةُ الأحلام الذهبية وهمٌ لا أكثر، كل "خوابير" العالم ستستشعرها.. بكل أشكالها وألوانها ستجدها واقعا.. سيكونون من حولك .. يلتفتون إليك.. يأْتمرون بك.. فصل المعاناة يمتد إلى آخر لحظة تَوقّعت أن القطار سيقف عندها.. ولكنها تنطلق مشيرة بيدها.. وتعبث بشعرها.. تهزأ بك وكأنها تقول لك "يا أحمق"!!..

يااا أحمق!!..
أظننت يوما أن درب المجد مخضبا بالورود؟!.. وأن زهو الطب ستناله بكل حبور؟!.. المعالي لم يكن يوما طريقها ممهدا.. ولن يكون... فالهمة زاد المبدعين.. والطموح لايتوارى خلف أفئدة جعلت الخمول وسادة، والكسل عبادة.. سنة الحياة أن تعيش مع الطب عمرك ورحلتك.. لكنها بالطبع رغم شقائها.. ممتعة..
رحلة مضنية.. لكنها تفيض بالعطاء بالبذل والإحسان..
وهل هناك أجمل من ابتسامة ترسمها على وجه معسور؟؟.. أو ضحكة تزرعها في قلب طفلة عافها الفرح منذ أن لازمها المرض؟؟..
عندما تلتقي تلك الدعوة الصادقة "الله يوفقك" لتلاقي ساعة استجابة.. هل هناك نعيم يوازي ذلك النعيم؟؟..
الطب يفتح لك أبواب الخير على مصراعيه.. كل الخير ..
ودأب العظماء أن يكونوا مفاتيح للخير.. يبحثون عن سعادة الناس ومساعدتهم حتى لو كان ذلك على حساب راحتهم ووقتهم..على حساب أنفسهم وأسرتهم وأقرب الناس إليهم..  ولكنها متعة العطاء.. وبذل النبلاء.. زُهُو الطب يتدفق في تلك الساعة المتأخرة من الليل عندما يأوي كل خليل إلى خليله.. وكل منهك إلى فراشه.. وأنت في حالةٍ من الإرهاق بلغت المدى.. تعالج مريض..  وتتابع حالة.. في سيرة الألم الممتدة تلك..  أضننت  أن الله سينساك؟!.. لن يكافئك على مابذلت من تضحية..  بالتأكيد لا ..

ولكن لاتنسى أن تقرن ذلك بالنية الصالحة..

الثلاثاء، 19 يوليو 2016

عبث الذاكرة

عبث الذاكرة
......
سأقول لك.. وربما حديثٌ يبعث الذكريات، يعبث بها.. يسوق الأحزان تُخالطها الدموع بِشَجَن الذكرى...تتقلب كموجوعٍ على صفيحٍ ساخن ..

الراحلون بين لهيب الأحداث حكايةٌ أخرى.. الصمت في حضرتهم.. ذاكرةٌ لاتنتهي.. مُثقلة تلك العبارة التي تنطوي على جرحٍ عميق.. لم تُضَمِّده نعمةُ النّسيان..
يسكب العبرة.. يُقلب صفحةً، ظنّ يومًا أنها مضت.. لكنّ الحياة تأبى إلا أن تُكشّر عن أنيابها، وتفرض جبروتها..

لقاؤهم.. ذلك الحلم البعيد.. سرابٌ.. لونه وشكله.. أما طعمه!!  فحدث عنه دموع العين،  وصوت الونينِ الذي يعبر أعماق أعماق الوجدان..

الراحلون بقيةٌ من أمل.. من حياةٍ جميلةٍ ذهبت ولن تعود.... الحديث عنهم.. يُفَتّق الجراح.. سفرٌ بعيد.. وكربٌ قريب.. لاتتلاشى تلك الأيام.. وكيف؟؟! هي جزءٌ من تكويننا،، من النّعيم الذي كنّا نستظل بظله.. رَبونا عليه دهرًا.. والآن قسرًا.. ننفض الأوجاع لنزداد.. ماذا..؟! وهل لغير الألم لبابنا طريق..
....................


بعض الراحلين تبقى الذكريات تجمعنا بهم.. هم مداد الخاطرة.. وبوح اللحظة الحزينة.. أحيانا.. تذكرهم فقط يبعث الابتسامة .. تعبر ألما كان منزويا عن كل مغريات الحياة.. 

الخميس، 2 يونيو 2016

الطّهر الذي رحل

* الطُّهر الذي رحل
------------------

والدمع البادي على الخدّ.. والحزن الذي ليس له مدّ..
وهذا الصّدى.. يَعبرُ.. يشقّ المدى..
الألم يكتنفنا.. يَعْصرُ بنا..
يَلْثُم آخر فَرَحٍ نحمله..
كأنّ ذكريات الطفولة بين ضِحْكَاتها وقُبَلِها - التي تُلبسنا ثياب العافية- .. باتتْ أمانيّ.
كأنّ الكون لم يكنْ إلّا عبيرًا من وُجُودها.. رُوحًا نَفَثتْهُ على أجْسَادِنا.. سَامَرتْنَا تِلْك الأحداثُ طَوْرًا.. كَبِرْنَا مَعَهُ، حتّى أبصرنا تلك العصى التي تَتّكئ عليها،  ماعادت تحملها.. كَبِرْنَا معه وصوت الدعاء الذي كان يملأ المكان ماعدنا نسمع غير أنينه..
كَبِرْنَا معه وتلك الأشعار والأناشيد باتت سوءات الزمن تفتت آخر كلماته..

كَبِرْنَا معه ولم تَشِبْ فِيهَا عَزائِمُهما.. تَصُدُّ عن كل لحظة عجْزٍ.. كأن الكبرياء الذي بداخلها لايعرف المشيب.. يأبى إلا أن يصمد.. لايحتمل نظرة الشفقة، تئنِّ ألف مرةٍ، لكن بصمت..

(( بدأت خياناتُ الجسد.. وفي العينين قد سكن الرمد ))

جداتنا ذلك اللّحاف الوثير.. الذي نلتجأ إليه؛ لنجدد شبابنا.. نستمد منه قوتنا .. تُدَفِأنا ابتهالاتهنّ لتكون وقودنا، في حياةٍ لم نشاهد منها غير البؤس، واليأس، والصراعات، والنزاعات، وحربٌ هنا، وقتلى هناك،  ورحلة العملِ التي تصيبنا بالملل، وتُحَدِّدُ مسيرة حياتنا بروتين مُملّ..
لنقذف بأنسفنا هلكى.. صرعى.. إلى جنتهنّ التي تحفِها الملائكة..
هنّ الرضى، والرحمة، واللحظة التي تجتمع فيها الكلمة الطيبة، والدعوة الصادقة..
هنّ البلسم، والذكرى التي كلما استلهمناها.. أمست تُقطِّع القلب وتُمزِّق أشلائه.. وتُوسِمُ على رُسُومِنا بُقعةً سوداء..

أذكر ذات مساء.. بعد أن خرجت جدتي من عمليةٍ جراحية، وكنّا أطفالا.. تسبقنا أحلامنا.. نُشاهد آثار العملية في ملامحها.. وهي تُحدثنا بتفاصيلها وآلامها.. وتَكْبرُ في أَعْينِنَا شِدّةُ بأسها وصبرها.. وعن طبيبها وتشكره وتذكره بكل خير.. ثم بدا لها.. بعد أن لمَحت في أبصارنا تِيهًا عابرًا.. بَاغَتَتْنَا بسؤالٍ يَشْتّلُ عزائمنا.. يُوقِضُنا..
من يريد أن يُصبح طبيبًا مثله؟!..
أذكر أنني تعجَّلْتُ الإجابة.. لا أدري لماذا؟؟ قلت: أنا..
كان هذا جوابي وقدري من حينها..
كَبرت الأحلام.. ولازلت أذكر السَّفْرة الأخيرة عندما زُرتها.. لم أكن أحمل غير قلبي وقتها.. لا أدري لماذا!!  لكن شعوري مُخْتَلط.. وأنا أرى ألمها وأُحدِّث نفسي حينها.. ربما تكون الرحلة الأخيره...  وقد كانت..
 اللهم اغفر لها وارحمها وأسكنها جنتك يا رب..

الأحد، 10 أبريل 2016

فجر الشام

سيأتي فجرك يا شام ينفض هالاتٍ خَطَت فوق بسمة الصبي، وانحناءات العجوز، ودمعة الشرف، وثكلى صكّت بابها تتقي جور الزمان وظلم الجبان، وشيخ نغمته البكاء،، وصوت الدعاء،، يشق السماء إلى ملكٍ قدير.

سيأتي فجرك يا شام وتذكرين أن رجالا ليسوا بالرجال، كانو يقولون ولايفعلون، ستنظرين إلينا وأعيننا تطرق خجلا أن تراك، وتغضين طرفك،، وقبل الرحيل تلتفتين ،، 
كان الوقت أقوى من عزائمنا التي كفنها 
الوهن، وأذاقها خمرة الجلاد رائحة العفن، ستلمحين في التفاتتنا صورة من السراب الذي ركضنا خلفه، إلى نغمة الساقية وضحكة الغنوج وطبطات الليل، ستعذرين قلوبنا لأنها استساغت صورتك الجريحة ونحن نتأملك ويدنا الأخرى تمازج الكأس بالحب والحنين. 

سيأتي فجرك ياا شام وأنت ترفلين بثيابك مخضبة بزعفران الشهيد، وجلجلة قصيدتك، وترنيم بطولتك، وهتافك الأول والأخير، يالله مالنا غيرك يالله. 

سيأتي فجرك يا شاام وفي طرقاتك إبااء الأنقياء، وتقاسيم الأبرياء، وعلى شرفاتك هديل الحماام يتهادى لحنه بين أُنسٍ وأنين، وبين الركاام نامت فتاة بحضن أمها نومةً أخيرة. 

سيأتي فجرك يا شام وفوق جبالك ذاك الشمووخ أطلق الروح وهتف باسم الله ،، الله أكبر الله أكبر، وصرخة الحق تُسمِع وتُبصِر، وليل الظالمين تولى وأدبر، ونداءه وحداءه،، الله أكبر الله أكبر، أيها الموت أقبل أيها الموت أقبل، وابتسامة الزفرة الأخيرة  تشع من ذلك الجبين، لتدل الحائرين، وكل عقل سجين، هنا،، ومن هنا يأتي نصر المسلمين.


سيأتي فجرك ياا شام وقد أزحت الغمام عن دعاة السلام، وأبطال القتال، تجردين افتراءات رواياتهم، وكأننا لم نعش يوما وهمها، ستسكبين الزيت ع صراخ القريب فتحترق شعارات تدثرنا من ذلنا بها. 

سيأتي فجرك يا شاام وكل حقيقة سنكذبها وتبقى حقيقة واحدة،،
"ألا إن نصر الله قريب"

مبادئ ٢

مبادئ "٢"

...................................
ستحكي الايام.. ياولدي،،
 ستقول لك
أنّ أُنَاسًا.. باعوا معصم القلب
وشروا معصم اليد
ستشاهدهم حولك
يلتفتون إليك
وبين يديك،،
يُقدمون القرباان،،
سترى لوحة الماضي وقد وأَدتْها رمالٌ ومالٌ
وتَسَتّرَ الضميرُ بين الركام
واسْتَشْرت لغة الجسد
ومضت رحلة الأيام
لا طريق غير هذا الطريق
وكل ما عدااه صورة منسية
إلى سرااب
ستمر الأيام
وتقول لك
إن صوتك المبحوح طويل المدى
وأن الحق الذي يملأك يمد الأمل إلى المنتهى
والحب الذي يسكنك شعاعٌ ينير النهاية
ويخط فصول البداية
لتستمر الحكاية
لتستمر الحكاية

مبادئ

مبادئ "١"
........................
الأسْدُ قليلٌ يَا وَلدِي

والدّهْرُ سِجَالْ

إنْ سَاءَكَ زَمنٌ، تَسُرّكَ أَزْمَانْ

صَاحِبُ الدُّكان

هَمُّهُ جَمْعُ الأَثْمَان

وأَنْتَ تُخَالِطُهُ

وتَتَودّد بِصمْتٍ لَهُ

وَتَظنُّ ذَكَائَك غَلبَهُ

لَكنّ الخِنْجَر ذُو حَدَّانْ

وَالصّمْتُ جَبَان

وَطرِيقُ العَوْدَةِ مَشْبُوهٌ

وَرَسْمٌ عَلَى الجُدْرَان

الأسْدُ قليلٌ يَا وَلدِي

والدّهْرُ سِجَالْ

يَعِيشُ الحُزْنُ بِقَلْبِكَ

يُسَامِرُكَ

يَقْتُلُكَ

يَدْعُوكَ لِفِعْلِ الجُرْمِ

فَتَنْهَرُهُ

خُطْوَةٌ نَحْوَ الأمَامْ

مُدَّ الكَفَّ

وَاخْلَعْ رِدَائَكَ

صَافِحْ يَدًا طَعَنَتْكَ

سِيَاسَة

وَرَسْمُ بَيَان

وَخِيَانَةٌ عُظْمَى

بِنَكْهَةِ الرُّمان

سَيَنْسَاكَ الغَدْرُ يَومًا

وذُو السُّلْطَان

لَكِنَّ التَّارِيخَ لَهُ عَيْنَان

سَيَذْكُركَ يَا وَلَدِي

فَلَا تَكُنْ خَوَّانْ