الأحد، 10 أبريل 2016

يسألني عن الطب؟!

  “يسألني عن الطب؟!”


سألني عن الطب؟! فماذا أجيبه.. وعن أي شيءٍ أُحدّثه.. وهل الطب من نافلة القول؟؟؛ حتى يكون الحديث عنه عابرا؟!.. لست أدري!! بماذا أبدأ؟؟ .. وماذا أقول؟!

هل أُحدّثه عن الدمعة والعبرة؟!.. عن امتزاج الرغبة والرهبة.. عن الآلام والآمال.. عن سفرٍ بلا عودة.. عن موجٍ يُغْرِقُكَ وتَرْكبه.. عن حلمٍ يتبخر.. ورحلةٍ تتعثر..

 أم أحدثه عن الأماني والمعاني.. والشموخ والطموح.. عن قافلة الأخيار ومركب الأبرار..
 وسياحة الأفكار.. عن الخيل التي يشق صهيلها المدى.. وتعتلي هامتها متجاوزة كل العقبات والحواجز.

ماذا أقول له؟! وهذا الطب بحرٌ بلا ساحل.. زاده من سهر الليالي.. ومجالدة الأيام.. حكايةٌ مختلفة،، أحداثها من تماثيل البشر.. ومواقف الحياة والعبر.. ممتدة.. عابرة .. سائحةٌ في الوجود.. وكلُّ شخصٍ   نال نصيبه منها.. على قدر ما بذل من أجلها؛ لأنها كنزٌ ثمين.. وغايةٌ نبيلة.. ومقصدٌ لا كالمقاصد.. الطب يا سادة: حياة الأبدان.. ونُبْل الوجدان.. ونيل شرف الدنيا والآخرة..

أحدثه عن المشاهد والصور.. لم تنسجها خيالات.. ولم ترسمها ريشة فنان.. اقتطعت عجلة الزمان.. لتحدث عن ذاتها، تروي تفاصيل التفاصيل بصمت.. تمر كطيفٍ عابر أو موجٍ هادر.. تحفر في الذاكرة آثرا لاينتهي..

الحديث عن الطب يأخذك إلى أبعادٍ مختلفة، تلك الدروس تمر.. لتخبرك عن تضحيات الآباء لأبنائهم.. كيف تمتلكه لحظة الضعف وهو يرى فلذة كبده على سرير المرض.. تدفعه شفقة الأبوة لبذل أي شيء.. وكل شيء.. لتجد على السرير الآخر عجوزٌ تجاوز السبعين من عمره.. يصارع آلامه بينه وبين ذاته.. بجانبه شابٌ خطت ملامح الفتوة وجهه … يُراقب والده بقلق.. يغفوا ثم يصحوا.. يتأمله.. وكأن عجلة الحياة تمر أمامك بتفاصيل تأسرك..

عن ماذا أحدثه؟؟ وحلقة الحياة تختصرها تلك المشاهد.. لتعلم أن الحياة أقصر من أن نؤمل منها الكثير.. وأن الوفاء جِـبِلةٌ يُعكر صفوها حالة عقوقٍ هنا وهناك.. تؤلمك؛ لكنها تُبيّن لك كم في هذه الدنيا أشخاصٌ لايستحقون الحياة..

الطب سؤال الوجود.. إجابته بين ثنايا ضعف هذا الكائن المتغطرس.. وكأن كل جولة على مريض تتحسس بها تاج الصحة على رأسك.. تراه في وهن المريض وعيناه الذابلتان.. تبعث إليك برسائل عاجلة.. مفادها.. “ما غرك بربك الكريم”

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق